الرئيسية
غادة عبد العال بنت ذكية ومتعلمة وحلوة وتقول بصريح العبارة: اريد زوجا.
وبما ان العدل اساس الملك فلابد ان يصيح ملك الملوك ردا علي غادة قائلا: مفيش مشكلة.
ولكن قبل ان اشد الهمة علي طريقة طنط حشرية واستعرض في مخيلتي كل شاب اعزب واضع الي جوار اسمه ورسمه عبارة: مشروع زوج لغادة اعترف بأن كتابها ” عايزة اتجوز “ امتعني الي درجة لم اتوقعها جعلتني اشتري عدة نسخ وارسلها لصديقاتي مشفوعة باصراري علي ان يقرأنه ولو اكراما لخاطري. والدليل علي نجاحه هو انه طبع واعيد طبعه 8 مرات خلال عامين.
ورغم متعة القراءة أدركت ان حماسي له اسباب تتعلق بالحرية التي كفلها الفضاء السيبروني. فقد بدأت غادة مدونتها بأنها تكتب لتكشف عن مشكلة 15 مليون فتاة مصرية بين الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين تنتظرن ان يأتي عريس الغفلة . ويطول انتظارهن .
اعجبني ان تحلم كاتبة بالتواصل مع العالم بعيدا عن دور النشر الكبري التي ينصب اهتمامها علي كبار الكتاب. واعجبني ان يتحقق حلم غادة، ان لم يكن بعريس فبشهرة عريضة وفلوس كثيرة كثيرة . المهم هو العزم والهمة .
واتمني الا تفسهدها الشهرة والفلوس. وليس هذا ممكنا. فها هو الكتاب وقد تحول الي مسلسل رمضاني واذا بغادة وقد وسعت نشاطها الابداعي الي كتابة السيناريو. ومادمنا نتكلم بصراحة اتمني ان التقي غادة مرة اخري لكي اقول لها: انت موهوبة ولكن هل من الضروري ان تصبحي من فئة ” بتاع كله؟ “ فكتابة السيناريو لها ناسها ولست واحدة من هؤلاء الناس.
ما علينا. حين قرأت ”عايزة اتجوز “ ارتدت بي الذاكرة الي صباي وظاهرة كانت مألوفة في الصحف واسعة الانتشار والمجلات وهي ظاهرة اعلانات زواج. كانت الصحف والمجلات تفرد اعمدة لاعلانات صغيرة لفتيات تبحث عن عرسان. وكان الكبار يتندرون ضاحكين بأن الصيغة لا تتغير بحيث تقول طالبة العريس عن نفسها بأنها بيضاء وملفوفة القوام وتقدس الحياة الزوجية اضافة الي انها تهوي الرسم والموسيقي والقراءة.
فهل تعود ازمة العرسان الي ذلك الزمن السحيق؟ ام انه لا توجد ازمة بحق ؟ اذا كان تعداد السكان في مصر قد تضاعف اربعة اضعاف في الخمسين عاما الماضية فلابد ان عدد طالبي الزواج تضاعف بنفس القدر والا فمن هو المسئوول عن ولادة هذا الكم الهائل
من الاطفال الذين يكبرون ويسببون هذا الانفجار السكاني المهول؟
لا اعتقد ان هناك ازمة زواج . لقد تأخر سن الزواج بسبب الحراك الاجتماعي وتغير القيم والمفاهيم التي يتحدد علي اساسها وضع المرأة المصرية في البنية الاجتماعية. البنت تتعلم وتخرج للعمل وتفرد لها فرص الترقي وتسبق الشاب علي طريق النضوج النفسي والاجتماعي بسبب حظوة الابناء الذكور عند الام المصرية. الولد مفضل ومدلل ويتمتع باستعداد الابوين للصهينة عن شططه ومغامراته. علي عكس البنات اللاتي رغم توفر فرص التعليم والعمل مازل
ومن هنا يأتي استعجال فرص الزواج.
ولاشك ان هناك عوامل اقتصادية ساهمت في خلق الاحساس بالازمة رغم عدم وجود ازمة حقيقية. زمان كانت الافراح والليالي الملاح تقام في البيوت. افراح الطبقة المتوسطة وهي الاغلبية كانت تقام في سرادق علي سطح البناية وكانت وليمة العرس تعد في البيوت . ولم يكن الكوافير يتقاضي الفي جنيه لكي تتدلي من جبين العروس بضعة بوكلات خارج الطرحة. ولم تكن تكاليف الشبكة والمهر كابوسا لا فكاك منه أفراح فنادق الخمس نجوم هي سبب الازمة، والشقق التمليك التي لا يمتلك ثمنها شباب يبحث عن عروس.
بصراحة نحن بحاجة الي مدونة اخري لتكشف عن الاسباب السياسة والاقتصادية لأزمة العرسان.
فوزية سلامة
